Tuesday, June 16, 2009

لذة الخوف

مشهد من المشاهد اللي موجودة بوضوح لحتى الان بذاكرتي هو منظري وانا بتفعفل في الارض وبعيط بغل وغيظ لانه ستي ركبت في السيارة من غير ما تاخدني معها، كانت في بعض الاحيان تاخدني معها بس مش ذاكر شو اللي اعطاني امل كبير ذاك اليوم اني حاطلع معها. لكن ما اذكره تماما هو النشوة والمتعة اللي كنت اشعر فيها وانا راكز راسي على شباك السيارة وبقرا كل لافتة لكل محل حلويات، دكان، محل الكترونيات، او حتى عيادة دكتور، كانت الاشياء عادية، عواميد كهربا او ابواب محلات او بلاط ارصفة مختلفة بس كانت كلها بالنسبة الي اشياء اخرى لانها اشياء تختلف عن ما هو موجود في معسكر الشاطئ. ليس المقياس هنا افضل او اسوأ المقياس هو الاختلاف فقط.
انا مواليد ١٩٨٣ وستي توفت سنة ١٩٨٩. الى ان اصبح عمري خمس سنوات كانت تقريبا معظم طلعاتي مع ستي رحمة الله عليها. وانا في سن خمس سنوات تقرر ذهابي الى (الروضة) الحضانة، الكي جي بي، مش مشكلة الاسم هي الروضة والهدف منها تاهيل لدخول المدرسة :). حبيت الروضة اول ايام، في تجربة جديدة وفي اولاد غير احمد ابن جيراننا احكي معهم والعب معهم، بنفطر في الروضة فطور كرهته كان عبارة عن رغيف بيتا وبيضة مسلوقة وموزة في يوم وحبة تفاح في يوم تاني والتفاح كانت فيه نكهة البيض لانه كان بين البيض. كانت هاي الروضة تابعة لوكالة الغوث لاعانة اللاجئين وعلى كل الاحوال الاكل كان لازم ناكله غصب عننا، والاسوأ كان زيت السمك كانوا يعطونا زيت سمك كتير لنبلعه. لكن سرعان ما مليت من الروضة لانه خلصت استكشاف ما فيها في اسابيع وكان لازم نضل فيها سنة واصبح كل شيئ ممل الالعاب والشجرات اللي بتضللنا واسوار الروضة المدرسات البنات والاولاد كل شي صار ممل.
الغريب اني كنت امشي كل يوم من والى الروضة بنفس الطريق دون اي تغيير كانني كنت مبرمج على هادا الطريق، يمكن الخوف من اني اضيع، العالم كان في خيالي كتير صغير صغير صغر شارعنا والشارع اللي ورانا والحارة هي الفلك الاكبر اللي بادور فيه، فكان اي خروج من هاي الدائرة قلبي يصير ينبض بسرعة واحس اني اصبحت قريب من حافة العالم او حافة الهاوية والخوف كان يتملكني والف حالي وارجع للحارة او للشارع تبعي.
اجت المدرسة وصعقني عدد الطلاب في مدرسة ابوعاصي الابتدائية اكثر من ٦٠٠ طالب في المدرسة طيف عظيم من الوجوه ومعظمها غريب عني وكتير منهم من جيلي بس ما بعرفهم فكانت الاثارة تسيطر على جوارحي في المدرسة. ونتعلم الطابور ونلبس الزي، قميص ازرق سماوي وبنطلون كابوي. وممنوع نطلع من الصف للحمام الا باذن الاستاذ، و٣ حصص بعدين فورسة بعدها بنكمل ٣ حصص تانيين. واو المدرسة كانت اشي عظيم وكانت اشي ضخم جدا بالنسبة لعالمي البسيط والصغير.
في كل مرحلة وفي كل نقلة في نقلاتي من الحياة بتذكر مقدار الخوف اللي بيتملكني في اول يوم بحاول افوت شارع جديد او حارة جديدة او مرحلة جديدة لكن في كل مرة باتطلع ورى ظهري باتيقن اكثر انه لسة في كتير لاستكشفه وفي اكتر لاتعلمه وانه ذاك الشعور بالخوف من الجديد والمجهول بيصبح لذة، تشتاق الها وممكن تدمن عليها. ولو رجع كل واحد مننا وراجع نقلات حياته ولحظات الخوف من الجديد او المجهول حيبتسم ويشعر بالانجاز او النضوج.
والسلام ختام

Tuesday, June 9, 2009

رز ابيض

كنت في كتير مرات اتمنى اشتري بنطلون او قميص ابيض او بلوزة بيضاء، ولانه امي اللي كانت تشتريلنا كل شي ولانه شخصية امي مش قوية الا شوية فكان الخيار خيارها واذا اقتنعت بوجهة نظري عملتها واذا ما اقتنعت كانت ردة فعلها تقريبا طز فيك وحاشتريلك على كيفي عجبك البس ما عحبك الله لا يجعلك ما تلبس :) والجميل انها احيانا تحاول تكون دبلوماسية معي باذكر انه عدة مرات واحنا في محل الاواعي تتطلع فيه وتغير نبرة صوتها الي نبرة التفاهم والانساط وتقولي بمنتهي الحنان ياما والله الابيض بيغلب في الغسيل ما انت عارف وبعدين الله يرضي عليك انت نوري والله ما بيلبق لك الابيض، لشو بدك الابيض علشان وانت بتلعب قلول (هي الكرات الزجاجية) ولا على شرشحتك وانت دايما تاكل بندورة حاف ياما والله لو بينفع كان شريتلك اياه بس والله ما بيلبقلك. كانت تفحمني في هاي الجملة وتقنعني بكل احترام وهدوء اني معفن علشان ما تشريلي ابيض. والحقيقة المرة اني لما كبرت وصرت اشتري اواعي على كيفي صرت اشتري ابيض، والغريب اني عمري ما اشتريت ابيض وحبيته الا في كل مرة البس القطعة بسرعة جدا يصير اشي واحتاج اني اغيره ، مثلا اكل بندورة بالحبة من غير ما اقطعها واللي جرب ياكلها -(فغم) بفتح الفاء وكسر الغين- بيعرف عن شو بحكي او اكل اسكمو فراولة، او ييجي صدى عالبنطلون او او او..
سلمت تقريبا بالحقيقة المرة الى ان صارت تزبط معي اني البس ابيض ويمشي الحال ، اول امبارح طبخت اكلتي المفضلة البازيلا بصلصة البندورة مع رز ابيض وامبارح روحت من الشغل بدري وغيرت اواعية ولبست شرط ابيض بحبه :) وبلوزة كحلي وكان باقي بازيلا فسخنتها واتذكرت كلمة امي فاخدت الحيطة والحذر ودرت بالي والحمد لله ما شروطت علي حالي ، اخدتني النشوة بالسعادة والانجاز وقررت اني اغسل الصحون ، وانا بغسل الصحون وقعت المغرفة على الارض بس قبل ما توصل الارض انمسحت بالشورط وتركت بقعة محترمة من الصلصة على الشورط وكان فيها كمية من الرز الابيض فانتثر الرز عالارض. ضحكت وقلت شكله كلمة امي يجب ان تكون انه ما بيلبقلي الابيض.
غسلت الشورط بسرعة قبل ما تنشف الصلصة ورجعت اكمل تنظيف فقعدت انظف الرز فكان لازم الم الرز بالحبة فتذكرت جملة. لما كنت في الدكان بما اني كنت اشتغل في الدكان من سادس ابتدائي الي الثانوية العامة فحدث انه كتير مرات اسكب بالخطا عالارض سكر، رز، عدس او اي من البضائع القابلة للاندلاق :) فلما كان ابوية يشوف هاي الوقائع كان بعد العلقة او الكف او ما تيسر يحكيلي: تفضل.. لمهم حبة حبة برموش عينيك. هنا كنت اشوف العبارة لمهم برموش عينيك عبارة جميلة بس المقام اللي قيلت فيه مقام مش جميل. والشغلة التانية انه كان لازم يحكي تفضل قبل ما يحكي الجزء التاني يعني متل امي كمان في نوع من الادب والاحترام في قلة احترام الاحترام.