Friday, January 1, 2010

مذكرات الولد الشقي في الحارة

لما كانوا يحكولي اقرا! كان قصدهم امسك كتب المدرسة وادرس وهادا كان طلب صعب كتير اني انفذه. انا بحب المدرسين كتير ولفترة طويلة كنت اعتقد انه المدرسين ما كانوا ناس طبيعيين مثلنا. ما كان يلزمني لاني افهم المواد اكتر من اني اسمع للمدرس في الحصة، وبالعادة الحصة او صوت المدرس وصورته حفرت في ذاكرتي الي هذا اليوم.
بالتالي قراءة كتب المدرسة كانت كابوس نجحت في اني اتجنبه طول حياتي المدرسية خصوصا انه الكتب كتب المنهج التعليمي المصري ، كان يستفزني انه الكتاب بيذكر القارئ في كل صفحة انه مصر اعظم بلد والمصريين من قديم الزمان اعظم الامم. كل الاحترام للمصريين القدماء والمعاصرين بس انا كنت عطشان لاقرأ عن تاريخي وعن حضارتي وعن بلدي مش عن اعظم حضارة في التاريخ.
وبما انه كنا في المدرسة الابتدائية ما يقارب ٧٠٠ طالب فما كانت المكتبة مفتوحة للطلاب ، ما تفهمنيش غلط ، في هاي النقطة ما تفهم اني كنت اروح ادور على كتب لاقراها، بس القصد انه بعض المدرسين كان يحاول ياخدنا عالمكتبة ويعودنا على ثقافة المطالعة بس الظروف ما خدمتهم.
في اول اعدادي مازن عبد القادر اللي سبق وكتبت عنه اعطاني اول كتاب اطالعه او اقراه ، الكتاب اسمه مذكرات الولد الشقي في الحارة للكاتب محمود السعدني. الكتاب هادا كان نقلة كبيرة في افق ادراكي. ادركت من هاي السطور انه في عالم كتير كبير بره حارتنا وانه الشمالي او المعسكر وغزة كتير صغار، وانه الانسان ممكن عصور وحضارات تمر من امام عينيه وهو بيطالعها وممكن يكون جزء منها او ممكن يكون مجرد متفرج. فقدت المتعة في مطالعة مسرح الحياة اليومي اللي كنت اتابع تفاصيله الدقيقة كل يوم من باب دكانتي من الصباح لمنتصف الليل.
صار عندي عطش لمسرح اكبر ولالوان اكثر واجواء كانت جميلة جدا او مخيفة جدا لما اتخيلها ، بس كلها كانت منسوجة في مخيلتي مستلهمة من سطور كتابات محمود السعدني، وصارت تتشكل على وجهي تراسيم مختلفة باختلاف الموضوع ، فبدات انفصل عن الدكان واسافر مع الكتاب واطلع من المعسكر لازور احياء ، حارات ،شوارع ، وازقة بعيدة او اقابل شخصيات القصص واحب بعضهم واكره اخرين.
يمكن المهارة اللي تعلمتها من القراءة هي مهارة الانساط ، صرت اسمع وانسط واتخيل واتفاعل مع كلمات مرصوصة جنب بعضها لترسم لوحات متناهية الدقة في التفاصيل. وكنت لما اضحك كتير او استمتع كتير في فقرة او قسم اشتم الكاتب من شدة اعجابي في كتاباته ، وبدات اتساءل عن مخيله الكتاب متل نجيب محفوظ والعقاد او السعدني واحترمهم واقدرهم لاني شعرت انه اشخاص عندهم مخيلات بهاي الضخامة وبهادا الابداع لازم الانحناء احتراما الهم.
سنة ٢٠٠١ كنت مسافر لابوظبي عن طريق القاهرة ، واقمت ٣ ايام في القاهرة صارت احداث كتيرة وتفاصيل كتيرة يمكن اتطرق الها في كتابات اخرى لكن الخلاصة اني لما مشيت في شوارع القاهرة كانت (ضحكتي من الدان للدان) طول مدة اقامتي لاني كنت بعيد قراءة سطور الكتب بس مش بكلمات مرصوصة جنب بعضها اعدت قراءة سطور الكتب بناس ، بيوت ، شوراع ومسرح مبهر بضخامته ووجدت انه الكتاب اللي كنت اعتقد انهم عندهم قدرات ابداعية لامحدودة ليسوا اكثر من موثقين لما بين ايديهم وامام اعينهم من حيوات. لكن بمهارة نثر المفردات وتنسيق الفقرات.
والسلام ختام.

No comments: